التعداد مثار الجدل ...
تحتفظ ذاكرة الكثير من العراقيين ممن عاصر اجراء عمليات التعداد التي اجريت في العراق ، ومن لم يعاصرها من الشباب ،فأنه سمع الكثير عنها عندما تجلس العوائل العراقية حول المدافئ في ايام البرد ويبدأ الجد او الجدة بسرد قصصهم الممتعة والتي تشعرنا بالحنيين لايام خلت ، ومن عادة العجائز والشيوخ ان يسهبوا في سرد دقائق الامور وبتفاصيل لم نجدها مملة ابدا ،لتشعرك بأنك تعيش الحدث بكل تفاصيلة وتسرح معها كل عواطفك بخوفها وسعادتها وفرحها وآلامها وهذا سر المتعة الحقيقة التي تجعلنا ونحن صغارا ان نتوسل بالوالد او الوالدة ان يقصوا لنا القصص والحكايات الخيالية منها والواقعية ...
من هنا نحتفض بالكثير عن عمليات التعداد العام للسكان حيث يكون يوما (للكرصة) والكرصة هذه تعني في عرفنا منع التجوال الذي تحول مدتة من يوم واحد الى يومين تماشيا مع تطورات العصر ..
كان العدادون وهم شخصين او ثلاثة وتشعر بجديتهم بالتعامل مع ماهم مقدمين على انجازه !! يزورون العوائل في بيوتها ليكتبوا معلومات كل شخص بعد الاطلاع على اوراقة الثبوتية ،وهنا تشعرك العملية بوجودك كأنسان يُعد وله كيان مستقل وربما وجوده مؤثر في بلده ..وكان كل شئ يكتب على الاوراق وينظم في سجلات كبيرة ..
ولكن مايجري اليوم في التعداد الجديد تكون (الكرصة) ليومين دون ان يزورك احد ولماذا هذه (الكرصه) اذا لا احد يعرف وربما ان اجابك عنها فأنه سيجيبك من مخزون ذاكرتة الماضية!!
قالوا لنا بأن التعداد الحديث متطور ومواكب لعصر التكتولوجيا حيث ستدخل المعلومات في الاجهزة اللوحية (الاي باد) ثم تنتقل الى القمر (اي قمر منهم فالاقمار كثيره) القمر العربي ام الامريكي او ربما الاوربي والعياذ بالله وربما الهندي ،،المهم ان المعلومات تنتقل نحو القمر وتنزل مرة اخرى الى من يهمه الامر في الداخل او الخارج الحقيقة انا لا ادري ،حينما سمعت الحاجة جوريه ان اسمها سيذهب الى القمر فرحت واخذت تتباهى لتقول واخيرا سأصل القمر كما فعل الاتحاد السوفيتي عندما هبط يوري كاكارين على القمر لان الحاجة تحفظ الاسماء والاحداث خيرا منا !!
المهم عندما تصعد المعلومات يكون التعداد بالنسبة للمواطن قد انتهى وعندما تنزل المعلومات يكون التعداد بالنسبة لمن يهمه الامر قد ابتدأ ويبقى الامر متعلق بالحكومة !! وماتخطط استنادا للنتائج المتحققة..
ولكن الملفت بأن رجال او نساء التعداد لم يزوروا اغلب العوائل في يوم( الكرصه)منع التجوال،، ولم يطلبوا منهم البطاقات الموحدة كما يجب للتأكد من عراقيتهم او محافظاتهم ،كل مافهمناه من شابة صغيرة كانت قد زارتنا قبل الحضر بخمسة ايام هو كم عدد الاسرة واسمائها وكفى ! ووعدتنا بزيارات لجان ولجان لجرد الثلاجات والمبردات والتلفزيونات وربما تشمل المراوح بالتعداد لا ادري ..
وحينما شاهد العراقيون الهجمة على كركوك من اكراد اربيل والسليمانيه وربما منهم بعض عناصر حزب العمال الpkk وبعض من اكراد سوريا وايران ،من اجل زيادة نسبة اكراد كركوك لاعتبارات سياسيه وديموغرافيه مادام لابطاقة يسائل عنها المواطن ولا تعريف وبعدها العودة لمحافظاتهم الاصليه للتعداد مرة اخرى هناك، فيتضاعف عدد ابناء كردستان مادام زيادة العدد يعني زيادة الموازنه المقتطعة من الموازنة العامة وما يعزز ذلك القوائم المقدمة للمرتبات ومرتبات التقاعد وما اكتشف من ارقام واسماء واعمار غير صحيحة في مناسبات اخرى قبلها .
،في الوقت الذي يرفض فيه الكثير من ابناء الوسط والجنوب تقديم معلوماتهم وبالخصوص الساكنين في العشوائيات من القادمين من محافظات الجنوب والغرب خوفا من الترحيل ...
وهنا يعد هذا التعداد غير مطابق للواقع فستكون نتائجه غير دقيقة بشكل كبير وسيعتمد على التقديرات رغم الانفاق الكبير والمبالغ به المخصص له ..ليكون تعداد ثلاجات وطباخات اقرب اليه من تعداد النسمات .....
حسن درباش العامري
كاتب ومحلل سياسي