الثقافة السطحية وموت النخبة
بقلم الكاتب الصحافي عبدالله العبادي /
محرر الشؤون العربية والإفريقية
مؤسس منصة تفكير عربي
يمتلكنا، اليوم، هاجس كبير، كإعلاميين ومثقفبن، ومهتمين بالشأن المجتمعي، سواء عربيا أو دوليا، سؤال نابع من هاجس عميق من انتشار التفاهة وغياب إنتاج موجات فكرية جديدة. صارت المجتمعات غارقة في تسطيح فكري وتسطيح مؤسساتي كبير، حيث غاب كل شيء فعال ومؤثر وحامل لفكر التغيير الإيجابي.
بقصد أو بدون قصد، يتم اليوم
تسطيح المفاهيم والأعمال القيمة، وتجاهل الإنتاجات الفكرية وغيرها، حيث يجد الجمهور نفسه أمام أنواع مختلفة من التفاهة في كل مكان، بالتلفاز والسينما والشارع ودور الثقافة والمدارس والجامعات...
على المستوى الأكاديمي، يتم تدجين الباحثين والمفكرين داخل المؤسسات البحثية حيث صاروا مجرد موظفين، كما يتم تهميشهم إعلامياً ومجتمعياً، بحيث لم يعد الباحث قدوة، بل صار المؤثر وصانع المحتوى والفنان ولاعبي كرة القدم نجوما وقادة ونماذج يحتذى بها ويتم الاعتماد عليهم في تشكيل وعي الشعوب.
في غياب النخبة المثقفة وتأثيرها الإيجابي، كانت النتيجة شعوبا مسطحة بلا وعي ولا فكر ولا عقل نقدي، نتيجة منطقية لواقع فكري مهمش، استولى عليه التافهون، وساندتهم السياسة وأسواق المال والتحول الرقمي.
كانت الجامعات إلى وقت قريب، مكانا للتكوين النقدي ومساحة إبداعية وثقافية. فهب كمؤسسات أكاديمية لا زالت تضم باحثين وعلماء كبار، لكنهم مهمشون ومنسيون، وليسوا ضمن الطبقة المؤثرة.
المثقف العضوي بسبب سيطرة مدعي الثقافة الذين هيمنوا على الساحة الثقافية دون محتوى أخلاقي أوفكري لائق، ، تراجع للوراء أو بتعبير آخر تم دفعه للاختباء.
النخب المثففة الحقيقية، يُفترض أن تنتج ثقافة عالية الأداء والجودة، والمؤسسات الفكرية كانت تتطلب دوما، وبالضرورة مشتغلين رفيعي المستوى إلا أنها تتعرض اليوم أيضا للترهل بسبب دخول أشخاص بعيدين عن العلم والفكر والبحث العلمي.
الحل اليوم، هو تطوير المؤسسات الفكرية والممارسة البحثية، وتطوير الحياة الثقافية في الجامعات والمجتمع، الناس بحاجة إلى منتوج فكري على قدر كبير من الاحترام والتقدير، يحترم تقاليدهم ومبادئهم ووسطهم الاجتماعي والثقافي والهوياتي.
أن يكون المرء مثقفا يعني أن ينخرط اجتماعيا، أن يبتعد عن النظريات ويحاول أن يؤثر في مجتمعه، وأن ينخرط بشغف في النشاط الإبداعي وخلق محاولات التغيير نحو الأفضل، إنها المسؤولية الاجتماعية للنخب المثقفة.